(ديـــــــــــــوان أبي)

سأحاول هنا أن اجمع أكبر عدد ممكن من قصائد والدي المرحوم خليل قبلان، وأنا على ثقة بأنني لن اتمكن لوحدي من تنفيذ هذه المهمة ، ولهذا اتوجه بندائي لكل الأخوة الذين يحفظون ولو أجزاء من قصائده أن يتكرموا بتدوينها هنا عسى أن تكون رافدا لديوان الشعر الشعبي في الوطن العربي ومرجعا للباحثين والمهتمين.
الشاعر خليل قبلان : مواليد عام 1920 سوريا- جبل العرب
تميز شعر خليل قبلان عن بقية اقرانه من شعراء الشعر النبطي في القرن العشرين بأنه كان أول من خرج بشعر جبل العرب الى العالمية،وكان أول من ادخل" التحليل السياسي" لأحداث المنطقة في قصائده ،ليس تنبؤا بالمستقبل بقد ماهو دقة في قراءة الواقع وتوقع القادم وتثبيته " شعرا.
توفي الشاعر خليل قبلان عام 1976 عن عمر ينوف الخمسين قليلا.

حقيقةً ,المرحوم الشاعر أبو محمد خليل قبلان يمكن ــ وبلا أدنى ريبة ــ اعتبار أشعاره, من قصائد فن وجوفيات وهجينيات و غيرها من ضروب الشعر الشعبي , المكتبة التراثية الفلوكلورية لمنطقتنا و بالأخص قريتنا رضيمة اللواء فمنذ أن وعيت على الدنيا ــ في بداية السبعينات ــ وأشعاره تشكل الجزء الكبير من فعاليات أي زفاف أو مناسبة وطنية أو اجتماعية , حتى لكان يخيّل لي في فترة من الفترات أن كل ما يغنّى في الأعراس (عند الرجال دائماً والمختلط أحياناً)هو لأبي محمد خليل, لا بل هناك دبكة تختص بها قريتنا تسمى (الزْرَاعِيّة) إذ لا أعرف أية قرية من قرى الجبل تعرف هذه الدبكة و عندما يقوم شباب و صبايا القرية بها خارج القرية فالحضور يتفرجون ويندهشون منها , ولا أعرف أية أغنية تغنى مع الزراعية ليست لشاعرنا,مثل (ما كنت ناوي جدد الأيامِ واعود لَطرد الهوى وغْرامِ) و (يا لابسة المملوك و التنورة وجْعود لَتحت الورك منثورة) و غيرها , وأنا منذ زمن أتساءل , هل أن هذه الدبكة صممت خصيصاً من أجل قصائد شاعرنا ؟ أم ماذا؟
بالتأكيد شاعرنا ليس الوحيد بالقرية ,ولكنه بدون أدنى شك, الشاعر الأبرز والأشهر من حيث وفرة النتاج و جودته .
هذا جزء من معرفتي المتواضعة عن شاعرنا على مستوى القرية أما على المستوى خارج القرية فأدع ذلك للآخرين, ولكن ألفت إلى أنه منذ بضع سنوات تم تكريم شاعرنا في المركز الثقافي العربي بشهبا حيث كان الحضور مميزاً خاصة في هذه الأيام التي نشهد فيها عزوفاً متنامياً عن كل أشكال الثقافة والمراكز الثقافية حتى في دمشق ترى فيها الحضور متواضعاً , والريح تصفر في قاعاتها .

أخيراً نشكر للأخ زياد هذا الصنيع و نبارك له به , ولأنفسنا , عسى أن يُستكمل البناء على هذه اللبنات التأسيسية ويجد المريد ضالته في هذا الموقع.

نواف

أخي نواف
كل الشكر لك على هذه المساهمة القيمة والوجدانية، وسأبدأ اعتبارا من اليوم " بإذن الله"بوضع القصائد التي بحوزتي على أمل أن يساهم بقية الأخوة بما لديهم عسى أن نصل الى ديوان يضم معظم أشعار خليل قبلان

تحياتي وشكري مجددا
زياد

جدير بالذكر ان الشاعر توفي قبل القائد العام للثورة السورية الكبرى سلطان الأطرش ب ستة اعوام تقريبا
يقول :

رثاء سلطان باشا 15-5-975


الماخاف ربه كيف قام ونعاكم.....وشلون قلبه عالمخاليق ينعاك
لو تقبل الفدوات حنا فداكم........ وبكل مانملك غوالي فديناك
ياقايد الثوار.. ذول رفقاكم....... عودتهم يومٍ يجوا طيب ملقاك
المين تتركنا يتامى قفاكم؟...........كنا إذا خيّم بنا الضيم ننخاك
عودتنا النجدة بطيب نباكم.........ولا يوم جينا بضيق وما لقيناك
حنا الذي كنا نلبي نداكم......... واليوم لو تجدي المفازيع جيناك
كانوا أهلنا قبل منا معاكم.......... ناديتنا بالموت جينا.. وبكيناك
كم من طريد نال عز بذراكم........شاف الأمان بظل سيفك ويمناك
وكل ما الوطن للذود عنه دعاكم.......كنت المجيب وزاد حنا تليناك
اليا ذكر اسمك كان يرهب عداكم..بالمزرعة وغرب الكفر عاد ذكراك
وبساحة الحرجات ربي رعاكم.......نمشي اليا تهنا عن الحق بهداك
ما فرّج الكربات عنا سواكم........ولا ذل طاغي ساء للشعب لولاك
ولا يوم هادنتوا بضعف عداكم........هذا الذي تشهد به قوة عداك
موتاَ بساح الحرب بغية مناكم...........لكنّ ربك للملمات خلاك
انك شهيد القالها مادراكم..........عنوة ضحايا بلادنا من سراياك
تسعين عاما ذايدا عن حماكم....وكل ما ادلهم الخطب ياطود ننساك
كلمة صلاح الدين تكمل سماكم......وحياَ من الله بالسلاطين سماك
انت وهنانو وزاد صالح وياكم....طارق وخالد ذول ربعك بمسراك
المختار والجراح ذول شبهاكم.... واليا ذكرت بطال العروبة ذكرناك
وبجنة الفردوس حقا لقاكم......... ما من جدال بجنة الخلد مثواك

هذه احدى قصائد خليل قبلان التي اخرجت الشعر المحلي في جبل العرب من قوقعة المحلية الى العالمية ولعل خليل قبلان من أوائل ان لم نقل أول من قاد هذا التطور النوعي في شعر الجبل عندما خرج الى الوطن العربي بقصيدته: نحنا علمنا جمال .... مانرضى بالإنفصال . إلنا أسهم بالخليج.... والنا في بحر الغزال ، والنا في ساحل عُمان.... والنا اللواء المغتال ...... الخ وسنأتي عليها كاملة ان شاء الله . وتوالت قصائده ذات الطابع القومي الى مابعد حرب تشرين 1973 .ولكن في هذه القصيدة اراد خليل قبلان أن يقول للعالم : ان اي حركة تحرر في العالم تهمنا وندعمها ، نفرح لإنتصارها ، ونشد على يدها ، كيف لا ونحن من أوائل من حمل هذا اللواء؟؟(لاحد يقلي بنصرهم وش لنا كار..... بالهدف تربطنا معاهم زمالة).

سايغون:

عند سماع نبأ دخول الثوار الى سايجون "فيتنام"

ماكدت صدّق ذايع العلم وأخبار......وانتابني فترة شكوك وذهالة
ذيع الخبر بين المذيعين تكرار.......علما بهيج وصادقا لا محالة
سايجون فاتوها صناديد ثوار.....وحاموا على طغمة فلول العمالة
يوم ادغشوها بالاهازيج والغار......قام الشعب يلقى طلائع شبالة
فانتوم هنري قوطرت ولت ديار......والهوك وقلاع عطيب هواله
من بعد ماتصلي البشر وابل النار....عل وعساها اليوم سلمت بحاله

هنري: هلك سفك الدماية لهم كار.....بعد ان ولغتوا بالدما للثمالة
بكمبوديا وفيتنام دولابكم دار........وابشر بعد حنا علينا الكمالة
صاحوا عليكم صيحة القوم للثار.... ومن الذعر نسيت نساكم طفاله
ياما حلا بشناقكم شل بتار........ ولا يضل منكم من يلملم عياله
ربك مهدم كل عاتَ وجبار......قوموا ارحلوا جروا ذيول الخجالة

جيتوا تلقوكم كما ضيوف زوار.....وانتوا كما الطاووس حين اختياله
قمتوا تسلمتوا المفاتيح والدار..... وراعي الحمى الطيب نويتم ذلاله
اليوم اطردوكم تحملوا الذل والعار....لو تستحوا والله كفاكم سفاله
لمّوا تواليكم على سفن ببحار.......هذا الشعب قرر يحطم غلاله
لاحد يقلي بنصرهم وش لنا كار.......بالهدف تربطنا معاهم زماله
ان ردنا كما هم عيشة العز احرار.......عدونا واحد علينا اقتتاله
ياعيال عمي من قفا جبال سنجار....من نجد حتى حدود بحر الغزاله
ومن الرباط وتونس وهكّ الديار.......للشام لاديرة حلب من شماله
قوموا عليهم قومة الحر لاثار........تانعيد لليرموك حرب الواله
الشابي سطر لنا قول بشعار.......وكم اثبت التاريخ صحة قواله
طالب حياة العز ماهاب الاخطار....واللي تهيب مانهب من وحاله
ولأهل الإرادة مستجيبات الاقدار....والطاغي الباغي سريعا زواله
يالله صلي عا اشرف الناس مختار.....المصطفى حامل نوار الرسالة
30-4-1975

أثناء مرور الشاعر قرب مقبرة الشهداء في نجها شاهد جموع الزائرين قال:

يا زايرين قبورهم بعد حولين....حولين تتوالى وقوع المصيبة
كم من خوات فارقوا الخي يبكين....وكم من ثكيلة مارواها نحيبه
تبكي ولدها(وظنها جاثم هين)......وتروي غلايلها بلمس النصيبة
وكم رملة مابين عل وتخمين.....ونظرات عاوجوه اليتامى كئيبة
وكم من هنوف دموعها بدم يرهين....برمس درس كامت تدور خطيبه
وكم من وليف مفارق الولف من حين....قامت تدور بالحفاير حبيبة
ومعهم اكاليل الورد والرياحين........والي بلحده ثاويا ما دريبه
مشهد حزين يمزع القلب ياشين....حوضب على نفسي أمور رهيبة
وش فاد لو خضر الأكاليل يهدين....ولو ريحة البخور تعبق بطيبة
ذولي هداياهم سيوف شطيرين....ومدرعا يصلي المعادي لهيبه
وطواب تقذف من حممها براكين.....والميغ الي ما تداوى صويبه
ذولي هداياهم ربوع مبشرين.....يبشروا عادت حقوق سليبة
هذول ما ماتوا بسته بتشرين.....الي وهب للحق روحه وهيبة
ذولي سكنهم بالجنان العليين.... احياء يرزق كل منهم نصيبه
ماغير لاتبكون عاحجار وطين....ولو زدتم الصيحات ما من مجيبه
سلطان ياذعار الطغاة المغيرين........ياقايد الثوار يوم الحريبة
تانعيد مجد القادسية وحطين.......ازحف بنا تانعيد حق غصيبة
ويالله تسترنا بجاه النبيين...... بوحدة عرب تجمع هلال وصليبة

من مرابض من عرين أسود اهلنا ....من جبل عالي على الدنيا سنامه

من البقيت اسمع صهيل خيولهنّا ....يوم هزات الغلاصم والزحامه

عزوتي المح بريق سيوفهنّا ....مثل شهبِِ في دياجير الظلامه

من قريا من سفح عالي جبلنا ....موطناََ يفرض على الدنيا احترامه

سمعت صوتِِ من زمانِِ غاب عنّا....كنت اقول إنّو احتجب منذُ اعوامه

من سمعنا الصوت يزئر ما ذهلنا ....صوت عودنا الترنم عا أنغامه

كان بالثوار مع قيدومهنّا....يوم سلطان الوغى قاد الجهامه

مع هلي يوم دعون دروعهنّا....بالكفر خلّو حدايدها حطامه

حين سدّو بالعمامه طوابهنّا.....يوم غورو بالوطن نفذ اجرامه

قافكم يازيد جا منكم وعنّا....منت يومِِ بإ سمنا تهدي السلامه

لجيوشِِ حطمون خطوطهنّا ....حجارها برجالها باتت ركامه

جيوش يعرب من قفا تونس لفنّا.... من قصايا نجد لبلاد اليمامة

من قفا بغداد للبحرين جِنّا....ومن قفا صنعاء لبلاد الشئامه

الزواحف هزّت البطحاء منّا ....تقل رعداََ بالسما تسمع رزامه

الميغ للميراج كان يطاردنّا.....مثل صقرِِ طارد بجاله حمامه

وسام ستّه كم ذعر فانتومهنّا.....تقول ذيبِِ بالخلا يذعر غنامه

تماوجت مثل البحور الهايجنّا.....قامت الدنيا تقل يوم القيامه

تشابكنّا دروعنا بدروعهنّا.....نار كبرى غطت البيدا قتامه

تصاولوا عليهم تقول فروخ جِنّا.....ولا بقى هرجاََ سوى وين النشامه

ولا رضينا منّهم سناََ بسنّا.....بل سداداََ من جماجمهم كوامه



من عقب يازيد ما العليا وصلنا.....واستعدنا بضحايانا الكرامه

ليتنا يمّ التفاوض ماركنّا......ولارجينا من ورى هنري سلامه

جا يفاوض تحت مد جسورهنّا.....من سلاحِِ حد للباغي انهزامه

جا يفاوض ماخجل يازيد منّا....بعد ما أعلن مع الطاغي التزامه

جا يفاوض مادري شمسلفنّا.... ولا دري بقلوبنا شكّن سهامه؟

واخسارة امتي وا خيب ظنة.....بالذي غطى السما هرج وكلامه

اليو اصبح ظل هنري في وطنا.... ولو سمحله نكسون يقبل قدامه

راعي البوقات ومسبب خذلنا.... يوم سلم لهوى هنري ختامه

والبطال الي بها التاريخ غنى.....في قهر بارليف ماعرفوا انهزامه

شوفه يازيد شتت شملهنا.... وجاب لخيام التفاوض من زلامه

عقب ماكل العروبة توحدنا.... ماخجل نذل العرب فلّت زمامه

ولا استحى طاف العواصم زايرنا.... مختفيا مثلما تخفي النعامة

وش بقى يازيد غير نقوم حنا... وغير حافظ مابقى يوفي ذماما

إن ما أسدنا قام بعد صمود منا....راحت علينا وعلى العُرب السلامة

اثناء وبعد حرب تشرين 1976 ، كان للشاعر خليل قبلان موقفا واضحا من قرارات الرئيس المصري انور السادات التي كان يصمها ب"الخيانية". واكثر من ذلك أنه توقع الكثير من الممارسات التي سيقوم بها انور السادات، وفي غالبيتها ان لم نقل جميعها قد صدقت ، من فض الإشتباك الى مباحثات الكيلومتر101 الى زيارة واشنطن الى زيارة اسرائيل . ولعل هذه الخبرة في التحليل السياسي التي اسبغها خليل قبلان على اشعاره في فترة السبعينات ،هي التي اعطت تميزا لشعر خليل قبلان يختلف عن اقرانه في تلك المرحلة الذين نظموا اجمل واقوى القصائد ولكن معظمها لم تحمل هذا البعد التحليلي السياسي التي نكاد ان نقول ان خليل قبلان قد انفرد بها.
اسأعتذر سلفا للأخوة القراء لعدم "تسلسل" هذه القصائد من حيث الأحداث السياسية او زمن النظم ، والسبب الوحيد في ذلك انني أدون بالتتالي ما تصل اليه يدي حسب وروده لي، وأعد ان شاء الله ان اعود الى ترتيبها زمنيا عندما يكتمل الديوان او عندما تكتمل قصائد المرحلة.
هذه القصيدة نظمها الشاعر على اثر اتفاقية سيناء يقول:
يالله.. بخاطركم ياعرب تصبحوا بخير..... أني ترى ذاهب ادور منامه
صح الذي قلناه من قبل بكثير.... ويل الذي ما الناس تسمع كلامه
قديش اني ذكّرت مافاد تذكير.....شوفوا النذل نفّذ جهارا جرامه
هذا الماهو خجلان هجوا وتشهير....ولاحاسب حساب الحكي واعلامه
الياتناول المذياع، عدك مع الزير....يبغي يظللنا سواة النعامة
يالمكتفي ببورديس وحقول كم بير....سينا بعد الها حدود"ن" ترامى
وين المهد،وين القدس مهبط الخير...وين راح نصرك ياحفيظ السلامة
هي عايزة كذبا ولفا وتزوير؟..... ماهو ثمن"يانذل" ثاني الحرامة
سويتها يالما خشيت المعايير....لابد ما تعضعض كواعك ندامه
سينا العرب ماهي الك ياطميهير.... تاتبيعها وتعمل علينا زعامة
حنا العروبة ماهجعنا على ضير...ولانقبل تساوم علينا سوامة
جيوش العروبةالماتهاب المحاذير....لابد من يوم تلملم زمامه
وتفجر البركان بالخصم تفجير....وتعيد لليرموك ذكرى القدامى
وجيش الكنانة الي تحدا التقادير....لابد من يوم يوفي ذمامه
ويأدب الي شطّر العرب تشطير...وبصفوة الأحرار نفّذ جرامه ( وجاء الإسلامبولي)

لا تستطيع وأنت تقلِّب ذاكرة الوطن إلا أن تقف باحترم أمام أولائك الفرسان الذين رسموا لنا معالم الجذور وضربوا بها بعيدا بين صخور اللجاة وتراب الصفا

فكانو هويتنا وإحساسنا بالانتماء ....... صرنا كلما قرأنا أسماءهم نفخر أننا نتنفس ما تنفسوه من هواء .
أفرد لنا عباءة عصرك في زمن الصقيع فإننا أحوج ما نكون لمن يذكرنا بأسمائنا بعدما تلاشت البطولات .
(أبو محمد خليل) لم يكن شاعراً فحسب وإنما رمزاً لحقبة رجالات أرّخوا لوجودهم بالقلم والسلاح ... طوبى لهم

خلدون خيو